تفسير سورة البقره

الآيه 177
ليس البر ان تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب ولكن البر من ءامن بالله واليوم الآخر والملائكه والكتاب والنبيين وءاتي المال علي حبه
ذوي القربي واليتامي والمساكين وابن السبيل والسائلين وفي الرقاب واقام الصلاه وءاتي الزكاه والموفون بعهدهم اذا عاهدوا
والصابرين في البأساء والضراء وحين البأس اولئك الذين صدقوا و أولئك هم المتقون

ليس البر ان تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب أي ليس فعل الخير وعمل الصالح
محصورا في ان يتوجه الانسان في صلاته جهة المشرق أو المغرب
ولكن البر من آمن بالله واليوم الآخر أي ولكن البر الصحيح هو الايمان بالله واليوم الآخر
والملائكه والكتاب والنبيين أي وان يؤمن بالملائكه والكتب والرسل
وآتي المال علي حبه ذوي القربي أي أعطي المال علي محبته له ذوي قرابته فهم أولي بالمعروف
واليتامي والمساكين وابن السبيل أي وأعطي المال ايضا لليتامي الذين فقدوا آباءهم والمساكين الذين لا مال لهم
وابن السبيل المسافر المنقطع عن ماله
والسائلين وفي الرقاب أي الذين يسألون المعونه بدافع الحاجه وفي تخليص الأسري والأرقاء بالفداء
وأقام الصلاه وآتي الزكاه أي واتي باهم أركان الاسلام وهما الصلاه والزكاه
والموفون بعهدهم اذا عاهدوا أي ومن يوفون بالعهود ولا يخلفون الوعود
والصابرين في البأساء والضراء وحين البأس أي الصابرين علي الشدائد وحين القتال في سبيل الله
أولئك الذين صدقوا وأولئك هم المتقون اي أهل هذه الأوصاف هم الذين صدقوا في ايمانهم واولئك هم الكاملون
في التقوي وفي الآيه ثناء علي الأبرار وايحاء الي ما يلاقونه من اطمئنان وخيرات حسان

الآيه 178
يأيها الذين آمنوا كتب عليكم القصاص في القتلي الحر بالحر والعبد بالعبد والأنثي بالأنثي فمن عفي له من اخيه شئ فاتباع بالمعروف
وأداء اليه باحسان ذلك تخفيف من ربكم ورحمه فمن اعتدي بعد ذلك فله عذاب أليم

يأيها الذين آمنوا كتب عليكم القصاص في القتلي أي فرض عليكم ان تقتصموا للمقتول من قاتله بالمساواه دون بغي أو عدوان
الحر بالحر والعبد بالعبد والأنثي بالأنثي أي اقتصوا من الجاني فقط فاذا قتل الحر الحر فاقتلوه به واذا قتل العبد العبد
فاقتلوه به وكذلك النثي اذا قتلت الأنثي مثلا بمثل ولا تعتدوا فتقتلوا غير الجاني
فمن عفي له من أخيه شئ أي فمن ترك له من دم اخيه المقتول شئ أي أسقط القصاص راضيا بقبول الديه
فاتباع بالمعروف واداء اليه باحسان أي فعلي العافي اتباع للقاتل بالمعروف بأن يطالبه بالديه بلا عنف ولا ارهاق
ذلك تخفيف من ربكم ورحمه أي ما شرعته لكم من العفو الي الديه تخفيف من ربكم عليكم ورحمه منه بكم
فمن اعتدي بعد ذلك فله عذاب أليم أي فمن اعتدي علي القاتل بعد قبول الديه فله عذاب أليم في الآخره

الآيه 179
ولكم في القصاص حياه يا اولي الألباب لعلكم تتقون

ولكم في القصاص حياه يا أولي الألباب أي ولكم يا اولي العقول فيما شرعت من القصاص حياه لأنه من علم انه اذا قتل
نفسا قتل بها يرتدع وينزجر عن القتل فيحفظ حياته وحياة من أراد قتله وبذلك تصان الدماء
وتحفظ حياة الناس
لعلكم تتقون اي لعلكم تنزجرون وتتقون محارم الله ومآثمه

الآيه 180
كتب عليكم اذا حضر احدكم الموت ان ترك خيرا الوصيه للوالدين والأقربين بالمعروف حقا علي المتقين

كتب عليكم اذا حضر احدكم الموت أي فرض عليكم اذا اشرف احدكم علي الموت وقد ترك مالا كثيرا
الوصيه للوالدين والأقربين أي وجب عليه الايصاء للوالدين والأقربين
بالمعروف حقا علي المتقين أي بالعدل بان لا يزيد علي الثلث وألا يوصي للأغنياء ويترك الفقراء حقا
لازما علي المتقين لله وقد كان هذا واجبا قبل نزول آية المواريث ثم نسخ بآية المواريث

الآيه 181
فمن بدله بعد ما سمعه فانما اثمه علي الذين يبدلونه ان الله سميع عليم

فمن بدله بعد ما سمعه أي من غير هذه الوصيه بعد ما علمها من وصي او شاهد
فانما اثمه علي الذين يبدلونه أي اثم هذا التبديل علي الذين بدلوه لأنهم خانوا وخالفوا حكم الشرع
ان الله سميع عليم فيه وعيد شديد للمبدلين

الآيه 182
فمن خاف من موص جنفا أو اثما فأصلح بينهم فلا اثم عليه ان الله غفور رحيم

فمن خاف من موص جنفا أي فمن علم او ظن من الموصي ميلا عن الحق بالخطأ
أو اثما أي ميلا عن الحق عمدا
فأصلح بينهم فلا اثم عليه أي أصلح بين الموصي والموصي له فلا ذنب عليه بهذا التبديل
ان الله غفور رحيم اي واسع المغفره والرحمه لمن قصد بعمله الاصلاح

بارك الله فيكى يا دعاء
ودائما متالقه
وسوبر والله سوبر

الآيه 183
يأيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب علي الذين من قبلكم لعلكم تتقون

يأيها الذين آمنوا ناداهم بلفظ الايمان ليحرك فيهم مشاعر الطاعه ويذكي فيهم جذوة الايمان
كتب عليكم الصيام أي فرض عليكم صيام شهر رمضان
كما كتب علي الذين من قبلكم أي كما فرض علي الأمم قبلكم
لعلكم تتقون اي لتكونوا من المتقين لله المجتنبين لمحارمه

الآيه 184
أياما معدودات فمن كان منكم مريضا أو علي سفر فعدة من أيام أخر وعلي الذين يطيقونه فدية طعام مسكين
فمن تطوع خيرا فهو خير له وان تصوموا خير لكم ان كنتم تعلمون

أياما معدودات أي والصيام أيام معدوده وهي أيام قلائل فلم يفرض عليكم الدهر كله تخفيفا ورحمة بكم
فمن كان مريضا أو علي سفر فعدة من أيام أخر أي من كان به مرض او كان مسافرا
فأفطر فعليه قضاء ما أفطر من أيام وغيرها
وعلي الذين يطيقونه فدية طعام مسكين اي وعلي الذين يستطيعون صيامه مع المشقه لشيخوخه أو ضعف اذا
أفطروا عليهم فدية بقدر طعام مسكين لكل يوم
فمن تطوع خيرا أي فمن زاد علي القدر المذكور في الفديه
فهو خير له
وان تصوموا خير لكن ان كنتم تعلمون أي والصوم خير لكم من الفطر والفديه ان كنتم تعلمون
ما في الصوم من اجر وفضيله

الآيه 185
شهر رمضان الذي انزل فيه القرآن هدي للناس وبينات من الهدي والفرقان فمن شهد منكم الشهر فليصمه ومن كان مريضا
او علي سفر فعدة من ايام اخر يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر ولتكملوا
العده ولتكبروا الله علي ما هداكم ولعلكم تشكرون

شهر رمضان الذي انزل فيه القرآن هدي للناس وبينات من الهدي والفرقان أي و الأيام المعدودات التي فرضها
عليكم أيها المؤمنون هي شهر رمضان الذي ابتدا فيه نزول القرآن حال كونه هدايه للناس لما فيه
من ارشاد واعجاز وآيات واضحات تفرق بين الحق والباطل
فمن شهد منكم الشهر فليصمه أي من حضر منكم الشهر فليصمه
ومن كان مريضا أو علي سفر فعدة من أيام أخر أي ومن كان مريضا أو مسافرا فأفطر فعليه صيام أيام أخر
يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر أي يريد الله بهذا الترخيص التيسير عليكم لا التعسير
ولتكملوا العده اي ولتكملوا عدة شهر رمضان بقضاء ما أفطرتم
ولتكبروا الله علي ما هداكم أي ولتحمدوا الله علي ما أرشدكم اليه من معالم الدين
ولعلكم تشكرون أي ولكي تشكروا الله علي فضله واحسانه

الآيه 186
واذا سالك عبادي عني فاني قريب اجيب دعوة الداع اذا دعان فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون

واذا سالك عبادي عني فاني قريب أي انا معهم أسمع دعاءهم وأري تضرعهم واعلم حالهم
اجيب دعوة الداع اذا دعان اي اجيب دعوة من دعاني اذا كان عن ايمان وخشوع قلب
فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون أي اذا كنت انا ربكم الغني عنكم اجيب دعاءكم فاستجيبوا انتم لدعوتي بالايمان
بي وطاعتي ودوموا علي الايمان لتكونوا من السعداء الراشدين

الآيه 187
احل لكم ليلة الصيام الرفث الي نسائكم هن لباس لكم انتم لباس لهن علم الله انكم كنتم تختانون انفسكم فتاب
عليكم وعفا عنكم فالآن باشروهن وابتغوا ما كتب الله لكم وكلوا واشربوا حتي يتبين لكم
الخيط الابيض من الخيط الأسود من الفجر ثم اتموا الصيام الي الليل ولا تباشروهن
وأنتم عاكفون في المساجد تللك حدود الله فلا تقربوها كذلك يبين الله
آياته للناس لعلهم يتقون

أحل لكم ليلة الصيام الرفث الي نسائكم اي أبيح لكم أيها الصائمون غشيان النساء في ليالي الصوم
هن لباس لكم وأنتم لباس لهن هن سكن لكم و أنتم سكن لهن
علم الله أنكم كنتم تختانون انفسكم أي تخونوها بمفارقة الجماع ليلة الصيام وكان هذا محرما في صدر الاسلام ثم نسخ
فتاب عليكم وعفا عنكم أي فقبل توبتكم وعفا عنكم لما فعلتموه قبل النسخ
فالآن باشروهن وابتغوا ما كتب الله عليكم أي جامعوهن في ليالي الصوم واطلبوا بنكاحهن الولد ولا تباشروهن لقضاء الشهوه فقط
وكلوا واشربوا حتي يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر أي كلوا واشربوا الي طلوع الفجر
ثم أتموا الصيام الي الليل أي أمسكوا عن الطعام والشراب والنكاح الي غروب الشمس
ولا تباشروهن وأنتم عاكفون في المساجد أي لا تقربوهن ليلا او نهارا ما دمتم معتكفين في المساجد
تلك حدود الله فلا تقربوها أي تلك اوامر الله وزواجره وأحكامه التي شرعها لكم فلا تخالفوها
كذلك يبين الله آياته للناس لعلهم يتقون أي يتقون المحارم

الآيه 188
ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل وتدلوا بها الي الحكام لتأكلوا فريقا من أموال الناس بالاثم وأنتم تعلمون

ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل أي لا يأكل بعضكم أموال بعض بالوجه الذي لم يبحه الله
وتدلوا بها الي الحكام أي تدفعوها الي الحكام رشوه
لتأكلوا فريقا من أموال الناس بالاثم أي ليعينوكم علي أخذ طائفه من أموال الناس بالباطل
وانتم تعلمون أنكم مبطلون تاكلون الحرام

الآيه 189
يسئلونك عن الأهله قل هي مواقيت للناس والحج وليس البر بأن تاتوا البيوت من ظهورها ولكن البر
من اتقي وأتوا البيوت من أبوابها واتقوا الله لعلكم تفلحون

يسألونك عن الأهله أي يسألونك يا محمد عن الهلال لم يبدو دقيقا مثل الخيط ثم يعظم ويستدير
ثم ينقص ويدق حتي يعود كما كان
قل هي مواقيت للناس والحج أي فقل لهم انها اوقات لعباداتكم ومعالم تعرفون بها مواعيد الصوم والحج والزكاه
وليس البر بأن تأتوا البيوت من ظهورها أي ليس البر بدخولكم المنازل من ظهورها كما كنتم تفعلون في الجاهليه
ولكن البر من اتقي أي ولكن العمل الصالح الذي يقربكم من الله في اجتناب محارم الله
واتوا البيوت من أبوابها أدخلوها كعادة الناس من الأبواب
واتقوا الله لعلكم تفلحون أي اتقوا الله لتسعدوا وتظفروا برضاه

الآيه 190
وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا ان الله لا يحب المعتدين

وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم أي قاتلوا لاعلاء دين الله من قاتلكم من الكفار
ولا تعتدوا ان الله لا يحب المعتدين أي لا تبدءوا بقتالهم فانه تعالي لا يحب من ظلم او اعتدي
وكان هذا في بدء أمر الدعوه ثم نسخ بآية براءه وقاتلوا المشركين كافه

الآيه 191
واقتلوهم حيث ثقفتموهم واخرجوهم من حيث أخرجوكم والفتنة أشد من القتل ولا تقاتلوهم عند المسجد الحرام
حتي يقاتلوكم فيه فان قاتلوكم فاقتلوهم كذلك جزاء الكافرين

واقتلوهم حيث ثقفتموهم أي اقتلوهم حيث وجدتموهم في حل أو حرم
واخرجوهم من حيث أخرجوكم أي شردوهم من اوطانهم وأخرجوهم منها كما اخرجوكم من مكه
والفتنة أشد من القتل أي فتنة المؤمن عن دينه أشد من قتله أو كفر الكفار أشد و أبلغ من
قتلكم لهم في الحرم فان استعظموا القتال فيه فكفرهم أعظم
ولا تقاتلوهم عند المسجد الحرام حتي يقاتلونكم فيه أي لا تبدءوهم بالقتال في الحرم حتي يبدءوا هم بقتالكم فيه
فان قاتلوكم فاقتلوهم أي ان بدءوكم بالقتال فلكم حينئذ قتالهم لأنهم انتهكوا حرمته والبادي بالشر أظلم
كذلك جزاء الكافرين أي هذا الحكم جزاء كل من كفر بالله

الآيه 192
فان انتهوا فان الله غفور رحيم
أي فان انتهوا عن الشرك وأسلموا فكفوا عنهم فان الله يغفر لمن تاب و أناب

الآيه 193
وقاتلوهم حتي لا تكون فتنه ويكون الدين لله فان انتهوا فلا عدوان الا علي الظالمين
وقاتلوهم حتي لا تكون فتنه ويكون الدين لله أي قاتلوا المحاربين حتي تكسروا شوكتهم ولا يبقي شرك
علي وجه الأرض ويصبح دين الله هو الظاهر العالي علي سائر الأديان
فان انتهوا فلا عدوان الا علي الظالمين أي فان انتهوا عن قتالكم فكفوا عن قتلهم فمن قاتلهم بعد ذلك فهو ظالم
ولا عدوان الا علي الظالمين

بارك الله فيكى يا دعاء
وسوبر والله سوبر

شكراااااااا يا بندق

الآيه 194
الشهر الحرام بالشهر الحرام والحرمات قصاص فمن اعتدي عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدي عليكم واتقوا الله واعلموا أن الله مع المتقين

الشهر الحرام بالشهر الحرام والحرمات قصاص أي اذا قاتلوكم في الشهر الحرام فقاتلوهم في الشهر الحرام
فكما هتكوا حرمة الشهر واستحلوا دماءكم فافعلوا بهم مثله
فمن اعتدي عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدي عليكم أي ردوا عن انفسكم العدوان فمن قاتلكم في الشهر الحرام فقابلوه وجازوه بالمثل
واتقوا الله وأعلموا ان الله مع المتقين أي راقبوا الله في جميع اعمالكم وافعالكم وأعلموا ان الله مع المتقين بالنصر والتأييد في الدنيا وفي الآخره

الآيه 195
وأنفقوا في سبيل الله ولا تلقوا بأيديكم الي التهلكه واحسنوا ان الله يحب المحسنين

و أنفقوا في سبيل الله ولا تلقوا بأيديكم الي التهلكه أي أنفقوا في الجهاد وفي سائر وجوه القربات ولا تبخلوا
في الانفاق فيصيبكم الهلاك ويتقوي عليكم الأعداء وقيل معناه لا تتركوا الجهاد في سبيل الله وتشتغلوا
بالأموال والأولاد فتهلكوا
واحسنوا ان الله يحب المحسنين أي أحسنوا في جميع اعمالكم حتي يحبكم الله وتكونوا من اوليائه المقربين

الآيه 196
واتموا الحج والعمره لله فان احصرتم فما استيسر من الهدي ولا تحلقوا رءوسكم حتي يبلغ الهدي محله
فمن كان منكم مريضا أو به أذي من رأسه ففدية من صيام أو صدقه او نسك فاذا أمنتم فمن تمتع بالعمره الي الحج
فما استيسر من الهدي فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام في الحج وسبعة اذا رجعتم تلك عشرة كامله ذلك
لمن لم يكن اهله حاضري المسجد الحرام واثقوا الله واعلموا ان الله شديد العقاب

وأتموا الحج والعمره لله أي أدوهما تامين بأركانهما وشروطهما لوجه الله تعالي

فان احصرتم فما استيسر من الهدي اي اذا منعتم عن اتمام الحج أو العمره بمرض أو عدو وأردتم
التحلل فعليكم ان تذبحوا ما تيسر من بدنه أو بقره او شاه

ولا تحلقوا رءوسكم حتي يبلغ الهدي محله أي لا تتحللوا من احرامكم بالحلق أو التقصير حتي يصل
الهدي المكان الذي يحل فيه ذبحه فيه وهو الحرم او مكان الاحصار

فمن كان منكم مريضا او به أذي من رأسه ففدية من صيام او صدقة او نسك أي فمن كان منكم معشر المحرمين
مريضا مرضا يتضرر معه بالشعر فحلق أو كان به أذي من رأسه فحلق في الاحرام فعليه فديه
وهي اما صيام ثلاثة أيام او يتصدق علي ستة مساكين أو يذبح ذبيحه وأقلها شاه

فاذا امنتم اي كنتم آمنين من أول الامر أو صرتم بعد الاحصار آمنين

فمن تمتع بالعمرة الي الحج فما استيسر من الهدي أي من اعتمر في أشهر الحج واستمتع بما يستمتع
به غير المحرم من الطيب والنساء وغيرها فعليه ما تيسر من الهدي
وهو شاه يذبحها شكرا لله تعالي

فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام في الحج وسبعة اذا رجعتم أي من لم يجد ثمن الهدي فعليه
صيام عشرة أيام ثلاثة حين يحرم بالحج وسبعة اذا رجع الي وطنه

تلك عشرة كامله أي عشرة أيام كامله تجزئ عن الذبح وثوابها كثوابه من غير نقصان

ذلك لمن لم يكن اهله حاضري المسجد الحرام أي ذلك التمتع او الهدي خاص بغير أهل الحرم أما سكان
الحرم فليس لهم تمتع وليس عليهم هدي

واتقوا الله واعلموا ان الله شديد العقاب أي خافوا الله تعالي بامتثال أوامره واجتناب نواهيه
واعلموا أن عقابه شديد لمن خالف امره

الآيه 197
الحج اشهر معلومات فمن فرض فيهن الحج فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج وما تفعلوا من خير
يعلمه الله فتزودوا فان خير الزاد التقوي واتقون يأولي الألباب

الحج اشهر معلومات اي وقت الحج هو تلك الأشهر المعروفه بين الناس وهي شوال وذو القعده وعشر ذي الحجه

فمن فرض فيهن الحج أي من الزم نفسه الحج بالاحرام والتلبيه

فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج اي لا يقرب النساء ولا يستمتع بهن فانه مقبل علي الله
قاصد لرضاه فعليه ان يترك الشهوات وأن يترك المعاصي والجدال والخصام مع الرفقاء

وما تفعلوا من خير يعلمه الله أي وما تقدموا لأنفسكم من خير يجازيكم عليه الله خير الجزاء

وتزودوا فان خير الزاد التقوي أي تزودوا لآخرتكم بالتقوي فانها خير زاد

واتقون يا أولي الألباب أي خافون واتقوا عقابي يا ذوي العقول والأفهام

الآيه 198
ليس عليكم جناح ان تبتغوا فضلا من ربكم فاذا أفضتم من عرفات فاذكروا الله عند المشعر الحرام
واذكروه كما هداكم وان كنتم من قبله لمن الضالين

ليس عليكم جناح ان تبتغوا فضلا من ربكم أي لا حرج ولا اثم عليكم في التجاره في اثناء الحج فان التجاره
الدنيويه لا تنافي العباده الدينيه وقد كانوا يتأثمون من ذلك فنزلت الايه تبيح
لهم الاتجار في أشهر الحج

فاذا أفضتم من عرفات فاذكروا الله عند المشعر الحرام أي اذا دفعتم من عرفات بعد الوقوف بها فاذكروا الله
بالدعاء والتضرع والتكبير والتهليل عند المشعر الحرام بالمزدلفه

واذكروه كما هداكم وان كنتم من قبله لمن الضالين أي اذكروه ذكرا حسنا كما هداكم هداية حسنه
واشكروه علي نعمة الهدايه والايمان فقد كنتم قبل هدايته في عداد الضالين الجاهلين بالايمان وشرائع الدين

الآيه 199
ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس واستغفروا الله ان الله غفور رحيم

ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس اي ثم انزلوا من عرفه حيث ينزل الناس لا من المزدلفه
واستغفروا الله ان الله غفور رحيم أي استغفروا الله عما سلف منكم من المعاصي فان الله عظيم المغفره واسع الرحمه

الآيه 200
فاذا قضيتم مناسككم فاذكروا الله كذكركم ءاباءكم أو أشد ذكرا فمن الناس من يقول ربنا ءاتنا في الدنيا وما له في الآخرة من خلاق

فاذا قضيتم مناسككم فاذكروا الله كذكركم آباءكم أو اشد ذكرا أي اذا فرغتم من اعمال الحج وانتهيتم منها
فاكثروا ذكره وبالغوا في ذلك كما كنتم تذكرون آباءكم وتعدون مفاخرهم بل أشد
فمن الناس من يقول ربنا آتنا في الدنيا وماله في الاخرة من خلاق أي من الناس من تكون الدنيا همه
فيقول اللهم اجعل عطائي ومنحتي في الدنيا خاصه وما له في الاخرة من حظ ولا نصيب

الايه 201
ومنهم من يقول ربنا ىتنا في الدنيا حسنه وفي الاخرة حسنه وقنا عذاب النار

ومنهم من يقول ربنا آتنا في الدنيا حسنه وفي الآخرة حسنه أي ومنهم من يطلب خيري الدنيا والاخره
وهو المؤمن العاقل وقد جمعت هذه الدعوه كل خير وصرفت كل شر فالحسنه في الدنيا تشمل الصحه والعافيه
والدار الرحبه والزوجه الحسنه ودخول الجنه والرزق الواسع الي غير ما هنالك والحسنه في الاخره
تشمل الأمن من الفزع الأكبر وتيسير الحساب ودخول الجنه والنظر الي وجه الله الكريم الخ

وقنا عذاب النار أي نجنا من عذاب جهنم

الآيه 202
أولئك لهم نصيب مما كسبوا والله سريع الحساب

أي هؤلاء الذين طلبوا سعادة الدارين لهم حظ وافر مما عملوا من الخيرات والله سريع الحساب
يحاسب الخلائق بقدر لمحه بصر

الآيه 203
واذكروا الله في أيام معدودات فمن تعجل في يومين فلا اثم عليه ومن تاخر فلا
اثم عليه لمن اتقي واتقوا الله واعلموا انكم اليه تحشرون

واذكروا الله في أيام معدودات أي كبروا الله في أعقاب الصلوات وعند رمي الجمرات
في ايام التشريق الثلاثه بعد يوم النحر

فمن تعجل في يومين فلا اثم عليه أي من استعجل بالنفر من مني بعد تمام يومين فنفر فلا حرج عليه

ومن تاخر فلا اثم عليه أي ومن تاخر حتي رمي في اليوم الثالث وهو النفر الثاني فلا حرج عليه أيضا

لمن اتقي أي ما ذكر من الأحكام لمن أراد ان يتقي الله فيأتي بالحج علي الوجه الأكمل

واتقوا الله واعلموا انكم اليه تحشرون أي خافوا الله تعالي واعلموا انكم مجموعون اليه للحساب فيجازيكم بأعمالكم

الآيه 204

ومن الناس من يعجبك قوله في الحياة الدنيا ويشهد الله علي ما في قلبه وهو ألد الخصام

ومن الناس من يعجبك قوله اي ومن الناس فريق يروقك كلامه يا محمد ويثير اعجابك بخلابة لسانه وقوة بيانه ولكنه منافق كذاب

في الحياة الدنيا أي في هذه الحياه فقط أما الآخره فالحاكم فيها علام الغيوب الذي يطلع علي القلوب والسرائر

ويشهد الله علي ما في قلبه أي يظهر لك الايمان ويبارز الله بما في قلبه من الكفر والنفاق

وهو ألد الخصام أي شديد الخصومه يجادل بالباطل ويتظاهر بالدين والصلاح بكلامه المعسول

الآيه 205

واذا تولي سعي في الأرض ليفسد فيها ويهلك الحرث والنسل والله لا يحب الفساد

واذا تولي سعي في الأرض ليفسد فيها أي واذا انصرف عنك عاث في الأرض فسادا وقد نزلت في الأخنس
ولكنها عامه في كل منافق يقول بلسانه ما ليس في قلبه
يعطيك من طرف اللسان حلاوة ويروغ فيك كما يروغ الثعلب

ويهلك الحرث والنسل أي يهلك الزرع وما تناسل من الانسان والحيوان ومعناه ان فساده عام يشمل
الحاضر والباد فالحرث محل نماء الزروع والثمار والنسل وهو نتاج الحيوانات التي
لا قوام للناس الا بهما فافسادهما تدمير للانسانيه

والله لا يحب الفساد أي يبغض الفساد ولا يحب المفسدين

بارك الله فيكى يا دعاء واكثر من امثالك

الآيه 206

واذا قيل له اتق الله اخذته العزة بالاثم فحسبه جهنم ولبئس المهاد

واذا قيل له اتق الله اخذته العزة بالاثم أي اذا وعظ هذا الفاجر وذكر وقيل له انزع عن قولك وفعلك
القبيح حملته الأنفه وحمية الجاهليه علي الفعل بالاثم والتكبر عن قبول الحق فأغرق في الافساد وأمعن في العناد

فحسبه جهنم ولبئس المهاد اي يكفيه ان تكون له جهنم فراشا ومهادا وبئس هذا الفراش والمهاد

الآيه 207

ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضات الله والله رءوف بالعباد

ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضاة الله أي هذا هو النوع الثاني وهم الأخيار الأبرار فبعد أن ذكر الله تعالي صفات
المنافقين الذميمه أتبعه بذكر صفات المؤمنين الحميده والمعني ومن الناس فريق من اهل الخير
والصلاح باع نفسه لله طلبا لمرضاته ورغبته في ثوابه لا يتحري بعمله الا وجه الله

والله رءوف بالعباد أي عظيم الرحمه بالعباد يضاعف الحسنات ويعفو عن السيئات ولا يجعل العقوبه لمن عصاه

الآيه 208

يأيها الذين ءامنوا ادخلوا في السلم كافه ولا تتبعوا خطوات الشيطان انه لكم عدو مبين

يأيها الذين آمنوا ادخلوا في السلم كافه أي ادخلوا في الاسلام بكليته في جميع احكامه وشرائعه فلا
تأخذوا حكما وتتركوا حكما لا تأخذوا بالصلاه وتمنعوا الزكاه مثلا فالاسلام كل لا يتجزأ

ولا تتبعوا خطوات الشيطان انه لكم عدو مبين أي لا تتبعوا طرق الشيطان واغواءه فاته عدو لكم ظاهر العداوه

الآيه 209

فان زللتم من بعد ما جاءتكم البينات فاعلموا ان الله عزيز حكيم

فان زللتم من بعد ما جاءتكم البينات أي ان انحرفتم عن الدخول في الاسلام من بعد مجئ
الحجج الباهره والبراهين القاطعه علي أنه حق

فاعلموا ان الله عزيز حكيم أي اعلموا ان الله غالب لا يعجزه الانتقام ممن عصاه حكيم في خلقه وصنعه

الآيه 210

هل ينظرون الا أن يأتيهم الله في ظلل من الغمام والملائكه وقضي الأمر والي الله ترجع الأمور

هل ينظرون الا أن ياتيهم الله في ظلل من الغمام والملائكه أي ما ينتظرون شيئا الا أن ياتيهم الله يوم
القيامه لفصل القضاء بين الخلائق حيث تنشق السماء وينزل الجبار في ظلل من الغمام وحملة العرش والملائكه الذين لا يعلم كثرتهم
الا الله ولهم زجل من التسبيح يقولون سبحان ذي الملك والملكوت سبحان ذي العزة والجبروت سبحان الحي الذي لا يموت
سبحان الذي يميت الخلائق ولا يموت سبوح قدوس رب الملائكة والروح

وقضي الأمر والي الله ترجع الأمور أي انتهي امر الخلائق بالفصل بينهم فريق في الجنة وفريق في السعير والي
الله وحده مرجع الناس جميعا والمقصود تصوير عظمة يوم القيامه وهولها وشدتها وبيان ان الحاكم فيها
هو ملك الملوك جل وعلا الذي لا معقب لحكمه ولا راد لقضائه وهو احكم الحاكمين

الآيه 211

سل بني اسرائيل كم آتيناهم من آية بينه ومن يبدل نعمة الله من بعد ما جاءته فان الله شديد العقاب

سل بني اسرائيل كم آتيناهم من آية بينه أي سل يا محمد بني اسرائيل توبيخا لهم وتقريعا كم شاهدوا
مع موسي من معجزات باهرات وحجج قاطعات تدل علي صدقه ومع ذلك كفروا ولم يؤمنوا

ومن يبدل نعمة الله من بعد ما جاءته فان الله شديد العقاب أي من يبدل نعم الله بالكفر والجحود بها فان عقاب الله له أليم و شديد

الآيه 212

زين للذين كفروا الحياة الدنيا ويسخرون من الذين ءامنوا والذين اتقوا فوقهم يوم القيامه والله يرزق من يشاء بغير حساب

زين للذين كفروا الحياة الدنيا أي زينت لهم شهوات الدنيا ونعيمها حتي نسوا
الآخره وأشربت محبتها في قلوبهم حتي تهافتوا عليها واعرضوا عن دار الخلود

ويسخرون من الذين آمنوا أي وهم مع ذلك يهزءون ويسخرون بالمؤمنين يرمونهم بقلة العقل لتركهم الدنيا واقبالهم علي الآخره

والذين اتقوا فوقهم يوم القيامه أي والمؤمنين المتقون لله فوق أولئك الكافرين منزلة ومكانه فهم في أعلي عليين واولئك
في أسفل سافلين والمؤمنون في الآخره في أوج العز والكرامه والكافرون في حضيض الذل والمهانه

والله يرزق من يشاء بغير حساب أي والله يرزق أولياءه رزقا واسعا رغدا لا فناء له ولا انقطاع

الآيه 213

كان الناس امة واحده فبعث الله النبيين مبشرين ومنذرين و انزل معهم الكتاب بالحق ليحكم بين الناس فيما اختلفوا فيه
وما اختلف فيه الا الذين اتوه من بعد ما جاءتهم البينات بغيا بينهم فهدي الله الذين ءامنوا لما اختلفوا
فيه من الحق باذنه والله يهدي من يشاء الي صراط مستقيم

كان الناس امة واحده أي كانوا علي الايمان والفطره المستقيمه فاختلفوا وتنازعوا

فبعث الله النبيين مبشرين ومنذرين أي بعث الله الأنبياء لهداية الناس مبشرين للمؤمنين
بجنات النعيم ومنذرين للكافرين بعذاب الجحيم

وأنزل معهم الكتاب بالحق أي وأنزل معهم الكتب السماويه لهداية البشريه حال كونها منزله
بين الناس في امر الدين الذي اختلفوا فيه

وما اختلف فيه الا الذين أتوه أي وما اختلف في الكتاب الهادي المنير المنزل لازالة الاختلاف
الا الذين اعطوا الكتاب أي انهم عكسوا الأمر حيث جعلوا ما انزل لازالة الاختلاف
سببا لاستحكامه ورسوخه

من بعد ما جاءتهم البينات أي من بعد ظهور الحجج الواضحه والدلائل القاطعه علي صدق
الكتاب فقد كان خلافهم عن بينه وعلم لا عن غفله وجهل

بغيا بينهم أي حسدا من الكافرين للمؤمنين

فهدي الله الذين آمنوا لما اختلفوا فيه من الحق باذنه أي هدي الله المؤمنين للحق الذي اختلف
فيه أهل الضلاله بتيسيره ولطفه

والله يهدي من يشاء الي صراط مستقيم أي يهدي من يشاء هدايته الي طريق الحق الموصل الي جنات النعيم

» تفسير الآيات 10 و 11 و 12 من سورة البقره
» هل تدبرت من قبل سورة الفاتحه
» سورة يوسف للقارىء سيد سعيد مع صوت نقى و صدى صوت رائع